الفصل 515: لديّ بعض الأسئلة لأطرحها عليك
ثم أضافت: “لا يهمّ ما يحدث في هذا العالم، لا بدّ لنا من الاستمرار في العمل، أليس كذلك؟”
كانت منطقتا “الشرق” و”الغرب” في لندن وكأنهما عالمان مختلفان تمامًا حين يحلّ الليل.
كانت وجهته الأولى هي مكان وقوع أحدث جريمة قتل، والذي أصبح الآن تحت مراقبة مشددة من الشرطة. ونظرًا لأن سكان المنطقة كانوا يتجنبونه تمامًا، استطاع “تشانغ هنغ” الوقوف خلف السياج خلال النهار دون أن يزعجه أحد. وحاول حينها تحديد نوعية التربة باستخدام الطريقة التي علّمه إياها “شيرلوك هولمز”، لكنّ ذلك لم يساعده كثيرًا، لأن بنية “الشرق” كانت في حالة يرثى لها. الطين والمياه الراكدة غطّت الطرقات، وحتى لو كان حذاء القاتل قد تلطّخ بالوحل، فلن يكون ذلك دليلاً يُعتدّ به.
ففي “الشرق”، لم يكن هناك سوى مصباح شارع واحد لا يزال يعمل، أما البقية فكانت إما مكسورة أو محطّمة عمدًا، ولم يتكلف أحد عناء إصلاحها. نتيجة لذلك، كانت أماكن عديدة تغرق في ظلام دامس. البنايات المتداعية والمنخفضة، والطرقات غير المستوية، والأزقة المظلمة، جعلت من التنقل في المنطقة كابوسًا حقيقيًا. وبعد سلسلة جرائم “وايت تشابل”، أرسلت الشرطة كتيبة كاملة لتعزيز الأمن الذي بدأ يتلاشى.
قالت بعد تفكير: “ثلاثة أو أربعة بنسات. إذا كنت محظوظة أو قابلت أحد الكرماء، فقد أربح أكثر. أو لو وجدت أكثر من زبون في نفس الليلة.”
خلال جولته، مرّ “تشانغ هنغ” على دوريتين من رجال الشرطة بدوا شديدي الصرامة، ممسكين بهراواتهم وأفواههم تُمسك صافراتٍ جاهزة للنفخ عند أول طارئ. ومع ذلك، لم يكن نشر هذا العدد من الدوريات مجديًا تمامًا، فليس بوسع الشرطة مراقبة كل زاوية وركن. الأهم من ذلك، أنهم لم يكونوا قادرين على الحفاظ على هذا النوع من الدوريات المكثفة لفترة طويلة.
“كيف أناديك؟”
في الواقع، كانت الشرطة قد زادت عدد أفرادها منذ ظهور الجريمة الثانية، لكن حتى الآن لم يحصلوا على أي خيط حقيقي. وبدأت شكاوى العناصر الدنيا تتعالى بسبب ساعات العمل الطويلة وضآلة الأجور. وقبل الجرائم، كان عناصر الدوريات غالبًا ما يتسللون إلى الحانات لشرب الجعة أثناء نوباتهم، لكن بعد موجة القتل، لم يعد أحد يجرؤ على تكرار هذا السلوك.
ترجمة : RoronoaZ
أما “تشانغ هنغ”، فقد كان يرتدي نفس المعطف القديم الذي اشتراه عند قدومه إلى لندن، وكانت “آيرين” قد أعطته وشاحها حين تظاهرت بأنها موسيقية غجرية. ومع ما تعلّمه مؤخرًا من فنون التنكّر، أصبح من الصعب على أي أحد أن يشك في كونه غريبًا عن هذه المنطقة.
كانت منطقتا “الشرق” و”الغرب” في لندن وكأنهما عالمان مختلفان تمامًا حين يحلّ الليل.
كانت وجهته الأولى هي مكان وقوع أحدث جريمة قتل، والذي أصبح الآن تحت مراقبة مشددة من الشرطة. ونظرًا لأن سكان المنطقة كانوا يتجنبونه تمامًا، استطاع “تشانغ هنغ” الوقوف خلف السياج خلال النهار دون أن يزعجه أحد. وحاول حينها تحديد نوعية التربة باستخدام الطريقة التي علّمه إياها “شيرلوك هولمز”، لكنّ ذلك لم يساعده كثيرًا، لأن بنية “الشرق” كانت في حالة يرثى لها. الطين والمياه الراكدة غطّت الطرقات، وحتى لو كان حذاء القاتل قد تلطّخ بالوحل، فلن يكون ذلك دليلاً يُعتدّ به.
“مرحبًا؟”
وفي الليل، عاد “تشانغ هنغ” ليتفقد الأضواء، ويرى ما إذا كانت النوافذ المجاورة مضاءة في ذاك الوقت. ولكي يتفادى المشاكل، كان يمشي بخفّة، متجنبًا البقاء لفترة طويلة في مكان واحد. وبينما كان يهمّ بالخروج من خلف المبنى، لمح فتاة في أوائل العشرينات واقفة عند حافة الطريق. كانت تضع معطفًا قديمًا على كتفيها، وتحمل زجاجة خمر في يدها. وما إن رأت “تشانغ هنغ”، حتى بادرت بالكلام:
قال “تشانغ هنغ”: “على الأقل ابقي في مكان فيه ناس، أو مع زميلاتك… ستشعرين بالأمان أكثر.”
“مرحبًا؟”
خلال جولته، مرّ “تشانغ هنغ” على دوريتين من رجال الشرطة بدوا شديدي الصرامة، ممسكين بهراواتهم وأفواههم تُمسك صافراتٍ جاهزة للنفخ عند أول طارئ. ومع ذلك، لم يكن نشر هذا العدد من الدوريات مجديًا تمامًا، فليس بوسع الشرطة مراقبة كل زاوية وركن. الأهم من ذلك، أنهم لم يكونوا قادرين على الحفاظ على هذا النوع من الدوريات المكثفة لفترة طويلة.
رفع “تشانغ هنغ” حاجبيه بدهشة، بين مسحة من التسلية والاستغراب.
ثم أضافت: “لا يهمّ ما يحدث في هذا العالم، لا بدّ لنا من الاستمرار في العمل، أليس كذلك؟”
قالت الفتاة بابتسامة متكلفة:
“شيقٌ أليس كذلك؟ أعدك ألا أخيب ظنك!”
أخرج “تشانغ هنغ” قطعة ذهبية نصف جنيه وألقاها لها.
ردّ عليها قائلًا:
“بما أنك على علم بما حدث مؤخرًا هنا، كان يجدر بك البقاء في المنزل.”
ردّ عليها قائلًا: “بما أنك على علم بما حدث مؤخرًا هنا، كان يجدر بك البقاء في المنزل.”
أجابت الفتاة، بإنجليزية ثقيلة الوطأة تنمّ عن أنها ليست من أهل البلاد:
“عليّ دفع الإيجار وشراء الطعام. لقد استلفت هذه الزجاجة من أحدهم للتو.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com قال: “تعالي معي الليلة.”
ثم أضافت:
“لا يهمّ ما يحدث في هذا العالم، لا بدّ لنا من الاستمرار في العمل، أليس كذلك؟”
هكذا أخبرتها زميلة لها عند دخولها هذا المجال لأول مرة. تلك الزميلة توفّيت قبل ثلاثة أشهر بسبب حمى التيفوئيد، وماتت وحيدة في منزلها. لم يكتشف أحد وفاتها إلا بعد يومين، حين جاء صاحب البيت لتحصيل الإيجار.
قال “تشانغ هنغ”:
“على الأقل ابقي في مكان فيه ناس، أو مع زميلاتك… ستشعرين بالأمان أكثر.”
“كيف أناديك؟”
هزّت رأسها بأسى وقالت:
“هذه المهنة ليست كما تظن. نحن -البغايا- لنا مناطق محددة. وأنا غريبة وصلت حديثًا، لذلك لا يقبلن بي. لا يبقى لي سوى التسكّع في الأماكن التي لا يذهبن إليها. على كلّ حال، ما الذي يشغل بالك؟”
لكنه طمأنها قائلًا: “لا تسيئي الظن. أريد فقط أن أطرح عليك بعض الأسئلة. أظن أنك لم تتناولي العشاء، صحيح؟ لنبحث عن مكان نأكل فيه شيئًا.”
قال “تشانغ هنغ” بهدوء:
“ما كان ينبغي أن تكوني هنا. هل تعلمين نوع الرجال الذين يأتون إلى هذا المكان في هذا الوقت؟”
لكن الواقع، وكما أثبت دائمًا، كان أقسى المعلمين. فهي لم تكن لبقة في الكلام كغيرها، ولم تربح كثيرًا حين كانت صغيرة، وسيقلّ عدد الزبائن كلما تقدّمت في العمر.
قالت:
“يقولون إن القاتل لا يرتكب جريمتين في نفس المكان.”
هكذا أخبرتها زميلة لها عند دخولها هذا المجال لأول مرة. تلك الزميلة توفّيت قبل ثلاثة أشهر بسبب حمى التيفوئيد، وماتت وحيدة في منزلها. لم يكتشف أحد وفاتها إلا بعد يومين، حين جاء صاحب البيت لتحصيل الإيجار.
جسدها كان يرتجف قليلًا منذ البداية، وكان واضحًا أنها ليست واثقة كما تحاول أن تبدو.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com قالت الفتاة بابتسامة متكلفة: “شيقٌ أليس كذلك؟ أعدك ألا أخيب ظنك!”
قال “تشانغ هنغ”:
“صحيح، لكن هل فكرتِ أنه حتى لو لم يعد القاتل المتسلسل إلى هنا، فقد يأتي آخرون بنوايا شريرة؟ خلف كل قاتل متسلسل شهير، يوجد العديد من المقلدين. وجودك هنا يمنحهم فرصة لتقليد قاتلهم المفضل، بقتلك.”
______________________________________________
تقدّم “تشانغ هنغ” نصف خطوة نحوها، فما كان من الفتاة إلا أن شهقت بتوتر وتراجعت خطوتين، فمدّ يده وأخذ منها الزجاجة نصف الممتلئة، ونظر إلى الملصق عليها وسألها:
“هل تشربين هذا النوع عادة؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com قال: “تعالي معي الليلة.”
أجابت وهي تنظر حولها بتوتر وكأنها تبحث عن شرطي يمرّ بالقرب:
“نعم.”
فتح “تشانغ هنغ” الزجاجة وشمّ محتواها، ثم سأل: “كم تربحين في الليلة الواحدة؟”
فتح “تشانغ هنغ” الزجاجة وشمّ محتواها، ثم سأل:
“كم تربحين في الليلة الواحدة؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تقدّم “تشانغ هنغ” نصف خطوة نحوها، فما كان من الفتاة إلا أن شهقت بتوتر وتراجعت خطوتين، فمدّ يده وأخذ منها الزجاجة نصف الممتلئة، ونظر إلى الملصق عليها وسألها: “هل تشربين هذا النوع عادة؟”
قالت بعد تفكير:
“ثلاثة أو أربعة بنسات. إذا كنت محظوظة أو قابلت أحد الكرماء، فقد أربح أكثر. أو لو وجدت أكثر من زبون في نفس الليلة.”
قال “تشانغ هنغ” بهدوء: “ما كان ينبغي أن تكوني هنا. هل تعلمين نوع الرجال الذين يأتون إلى هذا المكان في هذا الوقت؟”
أخرج “تشانغ هنغ” قطعة ذهبية نصف جنيه وألقاها لها.
وفي الليل، عاد “تشانغ هنغ” ليتفقد الأضواء، ويرى ما إذا كانت النوافذ المجاورة مضاءة في ذاك الوقت. ولكي يتفادى المشاكل، كان يمشي بخفّة، متجنبًا البقاء لفترة طويلة في مكان واحد. وبينما كان يهمّ بالخروج من خلف المبنى، لمح فتاة في أوائل العشرينات واقفة عند حافة الطريق. كانت تضع معطفًا قديمًا على كتفيها، وتحمل زجاجة خمر في يدها. وما إن رأت “تشانغ هنغ”، حتى بادرت بالكلام:
قال:
“تعالي معي الليلة.”
هكذا أخبرتها زميلة لها عند دخولها هذا المجال لأول مرة. تلك الزميلة توفّيت قبل ثلاثة أشهر بسبب حمى التيفوئيد، وماتت وحيدة في منزلها. لم يكتشف أحد وفاتها إلا بعد يومين، حين جاء صاحب البيت لتحصيل الإيجار.
الفتاة شعرت بفرحة غامرة، فلم يحدث أن صادفت زبونًا بهذا السخاء في حيّ فقير كهذا. لكنها ما لبثت أن تذكّرت كلامه السابق، فتبدّلت ملامحها فجأة. لم تكن تملك شيئًا يستحق هذه العملة… لا شيء سوى حياتها.
في الواقع، كانت الشرطة قد زادت عدد أفرادها منذ ظهور الجريمة الثانية، لكن حتى الآن لم يحصلوا على أي خيط حقيقي. وبدأت شكاوى العناصر الدنيا تتعالى بسبب ساعات العمل الطويلة وضآلة الأجور. وقبل الجرائم، كان عناصر الدوريات غالبًا ما يتسللون إلى الحانات لشرب الجعة أثناء نوباتهم، لكن بعد موجة القتل، لم يعد أحد يجرؤ على تكرار هذا السلوك.
لكنه طمأنها قائلًا:
“لا تسيئي الظن. أريد فقط أن أطرح عليك بعض الأسئلة. أظن أنك لم تتناولي العشاء، صحيح؟ لنبحث عن مكان نأكل فيه شيئًا.”
أخرج “تشانغ هنغ” قطعة ذهبية نصف جنيه وألقاها لها.
تردّدت لوهلة لم تتجاوز نصف ثانية، ثم قررت مرافقته. وكما قالت من قبل، كانت تعرف خطورة الذهاب مع رجل غريب، لكنها كانت مستعدة للمخاطرة بحياتها مقابل وجبة تسد بها جوعها. ربما كان هذا هو قدر أمثالها.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أما “تشانغ هنغ”، فقد كان يرتدي نفس المعطف القديم الذي اشتراه عند قدومه إلى لندن، وكانت “آيرين” قد أعطته وشاحها حين تظاهرت بأنها موسيقية غجرية. ومع ما تعلّمه مؤخرًا من فنون التنكّر، أصبح من الصعب على أي أحد أن يشك في كونه غريبًا عن هذه المنطقة.
وأثناء توجههما إلى المطعم، رأى “تشانغ هنغ” العديد من البغايا الأخريات في الطرقات، يتمايلن ويتصنّعن الإثارة في الحانات والأزقة، محاولات اجتذاب الزبائن بأي وسيلة. كان بينهن عجائز تجاوزن الخمسين أو الستين من أعمارهن. نظريًا، كان يُفترض بهن التواري عن الأنظار بعد جرائم “جاك السفاح”، وأن لا تعود الشوارع آمنة إلا بعد القبض عليه. لكنّ ما رآه “تشانغ هنغ” كان عكس ذلك تمامًا.
قال “تشانغ هنغ” بهدوء: “ما كان ينبغي أن تكوني هنا. هل تعلمين نوع الرجال الذين يأتون إلى هذا المكان في هذا الوقت؟”
فالشيء الوحيد الذي كان أكثر رعبًا من “جاك السفاح”… هو الحياة نفسها.
جسدها كان يرتجف قليلًا منذ البداية، وكان واضحًا أنها ليست واثقة كما تحاول أن تبدو.
قالت الفتاة:
“حين تدخلين هذا الطريق، من الصعب أن تعودي منه. الأمر يشبه الغرق في الوحل. وإذا لم يكن بإمكانك الخروج، فكل ما يمكنك فعله هو مشاهدة نفسك تغوص ببطء.”
الفصل 515: لديّ بعض الأسئلة لأطرحها عليك
هكذا أخبرتها زميلة لها عند دخولها هذا المجال لأول مرة. تلك الزميلة توفّيت قبل ثلاثة أشهر بسبب حمى التيفوئيد، وماتت وحيدة في منزلها. لم يكتشف أحد وفاتها إلا بعد يومين، حين جاء صاحب البيت لتحصيل الإيجار.
______________________________________________
الفتاة لم تكن تريد أن تلقى نفس المصير حين تكبر.
“كيف أناديك؟”
لكن الواقع، وكما أثبت دائمًا، كان أقسى المعلمين. فهي لم تكن لبقة في الكلام كغيرها، ولم تربح كثيرًا حين كانت صغيرة، وسيقلّ عدد الزبائن كلما تقدّمت في العمر.
“مرحبًا؟”
بينما كانت غارقة في تلك الأفكار، قطع “تشانغ هنغ” الصمت وسألها:
كانت منطقتا “الشرق” و”الغرب” في لندن وكأنهما عالمان مختلفان تمامًا حين يحلّ الليل.
“كيف أناديك؟”
أجابت وهي تنظر حولها بتوتر وكأنها تبحث عن شرطي يمرّ بالقرب: “نعم.”
______________________________________________
لكنه طمأنها قائلًا: “لا تسيئي الظن. أريد فقط أن أطرح عليك بعض الأسئلة. أظن أنك لم تتناولي العشاء، صحيح؟ لنبحث عن مكان نأكل فيه شيئًا.”
ترجمة : RoronoaZ
رفع “تشانغ هنغ” حاجبيه بدهشة، بين مسحة من التسلية والاستغراب.
لكنه طمأنها قائلًا: “لا تسيئي الظن. أريد فقط أن أطرح عليك بعض الأسئلة. أظن أنك لم تتناولي العشاء، صحيح؟ لنبحث عن مكان نأكل فيه شيئًا.”
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات