الركوب في العربة مع 'بِن'
الركوب في العربة مع بن
كان أبِنثي أول "أركانيست" أقابله في حياتي — شخصية غريبة ومثيرة بالنسبة لصبي صغير. كان واسع المعرفة و مُلِمًّا في كل فروع العلوم: علم النبات، والفلك، وعلم النفس، والتشريح، والكيمياء، والجيولوجيا، والكيمياء العضوية…
كان ممتلئ الجسم، بعينين متألقتين تتحركان سريعًا من شيء إلى آخر. وكان لديه خصلة من الشعر الرمادي الداكن تمتد حول مؤخرة رأسه و تحيط بها، لكن — وهذا أكثر ما أتذكره عنه — لم يكن له حاجبان. أو بالأحرى، كان له حاجبان، لكنهما كانا في حالة دائمة من إعادة النمو بعد أن احترقا مرارًا خلال تجاربه الكيميائية. وكان ذلك يمنحه مظهرًا دائم الدهشة والاستهجان [1] في آنٍ معًا.
كان يتحدث بلطف و هدوء، ويضحك كثيرًا، ولم يكن يطلق نكاته أو ذكاءه على حساب الآخرين. كان يلعن كما يلعن بحّار ثمل بساقٍ مكسورة، لكن فقط في وجه حميره. كانا يُدعيان "ألفا" و"بيتا"، وكان أبِنثي يطعمُهما الجزر وقطع السكر حين يظن أن لا أحد يراقبه.
وكانت الكيمياء شغفه الحقيقي و الأسمى، وقد قال أبي إنه لم يعرف في حياته أحدًا يُدير جهاز تقطير أفضل منه.
وبحلول يومه الثاني في فرقتنا، كنتُ قد اعتدت الركوب في عربته. كنتُ أطرح عليه الأسئلة، وكان يُجيبني. ثم يطلب أغاني، فأعزفها له على عودٍ استعرتُه من عربة أبي.
وكان أحيانًا يُغني. صوته كان تينورًا [2] ساطعًا و حيويا ومتهورًا، دائم التجوّل بحثًا عن نغمات و نوتات في أماكن خاطئة. وغالبًا ما كان يتوقف ويضحك على نفسه عندما يحدث ذلك.
كان رجلًا صالحا وطيبًا، ولم يكن فيه ذرة من غرور.
وبعد فترة وجيزة من انضمامه إلى فرقتنا، سألته ما معنى أن يكون المرء "أركانيستًا".
فألقى عليّ نظرة متفكرة و متأملة وقال: "هل سبق وأن عرفتَ أركانيستًا من قبل؟"
أجبته: "استأجرنا واحدًا ذات مرة ليُصلح محور عجلة مكسور على الطريق." ثم توقفت أفكر.
"كان مسافرًا نحو الداخل مع قافلة من السمك."
أشار أبنثي بإشارة استخفاف. "لا، لا يا فتى. أنا أتحدث عن الأركانيست... وليس عن بعض الذين يتنقلون عبر طرق القوافل و يدعون أنهم 'سحرة تبريد'، يحاولون الحفاظ على اللحم الطازج من التعفن والفساد[3]."
"ما الفرق؟" سألته، وأشعر أنه كان متوقعًا مني أن أفعل ذلك.
"حسنًا" قال. "قد يستغرق الأمر بعض الشرح..."
"ليس لدي ما أملكه سوى الوقت."
أبِنثي ألقى عليّ نظرة فاحصة ومقيّمة. كنتُ قد انتظرتُها. كانت تلك النظرة التي تعني: "أنت لا تبدو صغيرًا كما يبدو عليك." كنتُ آمل أن يدرك ذلك قريبًا. من المرهق أن يتحدث معك الناس كما لو كنت طفلًا، حتى وإن كنت واحدًا فعلاً.
أخذ نفسًا عميقًا وقال:
"مجرد أن يعرف شخص ما خدعة أو خدعتين لا يعني أنه أركانيست. قد يعرف كيف يثبت عظمة أو يقرأ 'إلد ڤينتيك'(Eld Vintic)... ربما يعرف حتى قليلاً من 'السمباثي'. لكن-"
"السمباثي؟" قاطعته بأدب.
قال أبِنثي بتردد:
"ربما قد تسميه سحرًا" ثم أضاف: "لكنه ليس كذلك، حقًا." ثم هز كتفيه. "لكن حتى لو كنت تعرف السمباثي فهذا لا يجعلك أركانيست. الأركانيست الحقيقي هو من مرّ عبر الأركانوم(Arcanum) في الجامعة."
عند ذكره لـ الأركانوم، انتابتني دفعة من الأسئلة الجديدة. قد تعتقد أنها ليست كثيرة، لكن عندما تضيفها إلى الأسئلة التي أحملها معي أينما ذهبت، كانت ستنفجر في عقلي تقريبًا. فقط من خلال جهد شديد في إرادتي تمكّنت من البقاء صامتًا وقمع فضولي، منتظرًا أن يستمر أبِنثي في حديثه.
لكن أبِنثي لاحظ رد فعلي. "إذن، سمعت عن الأركانوم، أليس كذلك؟" بدا عليه التسلية. "أخبرني بما سمعته و ما تعرفه إذًا."
كانت هذه اللمحة الصغيرة هي كل ما احتجت إليه.
"سمعت من فتى في 'تيمبر غلين'(Temper Glen) أنه إذا قُطع ذراعك يمكنهم خياطتها مرة أخرى في الجامعة. هل يمكنهم حقًا؟ بعض القصص تقول إن تابورلين العظيم ذهب إلى هناك ليتعلم أسماء كل الأشياء. هناك مكتبة بها ألف كتاب. هل هناك فعلاً هذا العدد؟"
أجاب على السؤال الأخير، بينما مرّت الأسئلة الأخرى بسرعة بحيث لم يستطع التقاطهم و لم يكن لديه الوقت للإجابة عليهم. "أكثر من ألف، في الواقع. عشرة أضعاف عشرة آلاف كتاب، أكثر من ذلك حتى. أكثر من الكتب التي يمكنك أن تقرأها في حياتك كلها." بدا صوت أبِنثي غامضا وحزينًا بعض الشيء وكأن هناك شوقًا في نبرته.
كتب أكثر مما يمكنني قراءته؟ بطريقة ما، شككت في ذلك.
استمر بِن: "الناس الذين تراهم يسافرون مع القوافل - الشارمرز(charmers) الذين يمنعون الطعام من التلف، والمرشدين، والعرافين، وآكلي الضفادع [4] - ليسوا أركانيست حقيقيين أكثر من كون جميع المؤدين الفنانين المتجولين هم من 'الإيدما روه'[5]. قد يعرفون القليل عن الكيمياء، أو قليل من السمباثي، أو قليلاً من الطب." هز رأسه. "لكنهم ليسوا أركانيست."
"الكثير من الناس يتظاهرون بأنهم كذلك. يرتدون أردية ويتظاهرون لاستغلال الجهلاء والسذج. لكن إليك كيف تميز أركانيست حقيقي من المزيف."
سحب أبِنثي سلسلة رائعة من عنقه وأعطاها لي. كانت هذه أول مرة أرى فيها 'غويلدر من الأركانوم'(Arcanum guilder). بدت عادية نوعا ما ولم تكن تبدو مثيرًة للإعجاب، كانت مجرد قطعة مسطحة من الرصاص مع كتابة غريبة و غير مألوفة مطبوعة عليها.
"هذه 'غيلث حقيقية' (true gilthe). أو غويلدر كما شئت تسميتها" [6] شرح أبِنثي مع بعض الرضا. "إنها الطريقة الوحيدة المضمونة للتأكد مِن مَنْ هو أركانيست ومن ليس كذلك. والدك طلب أن يرى خاصتي قبل أن يسمح لي بالسفر مع فرقتكم. و هذا يظهر أنه رجل ذو خبرة." راقبني بنظرة ماكرة وغير مبالية.
"مزعج و غير مريح، أليس كذلك؟"
صررت على أسناني وأومأت برأسي كموافقة. خدرت يدي بمجرد لمسها. كنتُ متشوقا و فضولياً لدراسة العلامات على مقدمتها و خلفها، لكن بعد نفسين، شعرتُ بخدر في ذراعي حتى الكتف، كما لو كنت نائمًا عليها طوال الليل. تساءلت إن كان جسمي كله سيخدر إذا حملتها أو أمسكتها لفترة أطول.
لكنني لم أتمكن من معرفة ذلك، حيث أصطدمت العربة بمطب وكادت يدي المخدرة أن تسقط غيلدر أبِنثي على مسند العربة. أمسك بها سريعًا و انتزعها وأعادها إلى عنقه وهو يضحك.
"كيف تتحمل ذلك؟" سألته، محاولًا أن أُرجع بعض الإحساس إلى يدي.
"إنها تبدو هكذا فقط للآخرين" أوضح أبِنثي. "أما بالنسبة لمالكها، فهي فقط دافئة. هكذا يمكنك أن تميز بين أركانيست حقيقي ومن لديه موهبة في العثور على الماء أو التنبؤ بالطقس."
"تريب لديه شيء مشابه لذلك" قلت. "هو يرمي السبعات."[7]
"ذلك شيء مختلف قليلاً" ضحك أبِنثي. "ليس شيئًا غير قابل للتفسير و غامضا مثل الموهبة." ثم مال قليلا إلى الوراء في مقعده. "ربما كان ذلك أفضل. قبل مائتي عام تقريبًا، كان الشخص يعتبر ميتًا إذا اكتشف الناس أن لديه موهبة. كان 'التهليين' [8] يسمونها علامات شيطانية، ويحرقون الناس إذا امتلكوها."
بدا أن مزاج أبنثي قد تدهور بشكل ملحوظ.
"اضطررنا لإخراج تريب من السجن مرة أو مرتين" قلت محاولًا تخفيف حدة الحديث. "لكن لم يحاول أحد حرقه فعلًا."
ابتسم أبِنثي ابتسامة متعبة. "أظن أن تريب لديه زوج من النرد الذكي [9] أو مهارة ذكية مماثلة، و ربما تمتد أيضًا إلى البطاقات أيضا. أشكرك على تحذيرك في الوقت المناسب، لكن الموهبة شيء مختلف تمامًا."
لم أستطيع تحمّل أن أُعامل باستخفاف. "تريب لا يستطيع الغش لكي ينقذ حياته" قلت بحدة أكثر مما كنت أنوي. "وأي شخص في الفرقة يمكنه تمييز النرد الجيد من السيء. تريب يرمي السبعات. لا يهم أي نرد يستخدم، فهو سيظل يرمي السبعات. إذا رهن على شخص آخر، سيرمي السبعات. حتى إذا صادف أن اصطدم الطاولة وكان هناك نرد عليها، فسيحصل على السبعة."
"هممم." هز أبِنثي رأسه وهو يفكر. "أعتذر. ذلك يبدو بالفعل كموهبة خالصة. سأكون فضولياً لرؤيتها."
أومأت برأسي. "خذ نردك الخاص. لم نسمح له باللعب منذ سنوات." خطرت لي فكرة. "قد لا ينجح بعد الآن."
هز أبِنثي كتفيه. "المواهب لا تختفي بهذه السهولة. عندما كنت شابًا في 'ستوب'(Staup)، عرفت شابًا كانت لديه موهبة. كان ماهرًا جدًا بشكل غير عادي في التعامل مع النباتات."
اختفت ابتسامة أبِنثي بينما نظر إلى شيء لم أتمكن من رؤيته. "كانت طماطماته حمراء بينما كانت كروم الجميع ما تزال تتسلق. كانت قرعاته (*اليقطين*) أكبر وأحلى، وعِنبُه لا يحتاج تقريبًا إلى التعبئة و التخمير قبل أن يتحول إلى نبيذ." توقف عن الكلام، وكانت عيناه بعيدتين.
"هل أحرقوه؟" سألت، وقد تساءلت عن ذلك بفضول يملكه الشباب الكئيبون.
"ماذا؟ لا، بالطبع لا!. لست بهذا العمر[10]." عبس في وجهي بجدية مزيفة. "كانت هناك مجاعة و جفاف، وطُرد من المدينة. كانت والدته المسكينة مفجوعة و حزينة."
مرت لحظة من الصمت. أمامنا بعربة أو اثنتين، سمعت 'تيرين' و 'شاندي' يتدربان على سطور من مسرحية "راعي الخنازير والعندليب".
بدا أبِنثي وكأنه يستمع أيضًا، بطريقة عفوية. بعد أن ضاع تيرين في منتصف مونولوج 'حديقة فاين'، التفتّ إليه. "هل يُدرَّس التمثيل في الجامعة؟" سألته.
هز أبِنثي رأسه، وقد بدا مسرورًا من السؤال. "الكثير من الأشياء، ولكن ليس ذلك."
نظرت إلى أبِنثي ورأيته يراقبني، وعيناه تلمعان.
"هل يمكنك أن تعلمني بعضا من تلك الأشياء الأخرى؟" سألته.
ابتسم، وكان الأمر سهلاً هكذا.
بدأ أبِنثي في إعطائي نظرة عامة و موجزة مختصرة عن كل علم من العلوم. و بينما كان شغفه الرئيسي للكيمياء، إلا أنه كان يؤمن بالتعليم الشامل. تعلمت كيفية استخدام آلة السدس، والبوصلة، وعصا القياس، والمِعداد. والأهم من ذلك، تعلمت كيف أعيش بدونها و الاستغناء عنها.
في غضون فترة قصيرة، أصبحت قادرًا على التعرف على أي مادة كيميائية في عربته و تحديدها. وفي غضون شهرين، كنت أستطيع تقطير الخمر حتى يصبح قوياً جداً بحيث لا يمكن تحمل شربه، ولف الجروح و تضميدها، وضبط العظام، وتشخيص مئات الأمراض من خلال الأعراض. كنت أعرف عملية صنع أربعة أنواع من المنشطات الجنسية *المؤلف تحمس كثيرا*، وثلاثة خلطات لمنع الحمل، وتسعة لعلاج العجز الجنسي، واثنين من الأدوية التي يشار إليها ببساطة بـ "مساعد العذراء". كان أبِنثي غامضًا بعض الشيء حول الغرض من هذا الأخير، ولكن كانت لدي بعض الشكوك القوية.[11]
تعلمت بعدها وصفات لصياغة عشرات السموم والأحماض والمئات من الأدوية والعلاجات، وبعضها كان فعّالا. تضاعفت معرفتي بالأعشاب من الناحية النظرية إن لم يكن من الناحية العملية. بدأ أبِنثي يناديني بـ "ريد" وكنت أناديه بـ "بن"، أولاً انتقامًا، ثم صداقة.[12]
فقط الآن، وبعد فوات الأوان، أدركت مدى حرص بن على إعدادي و تهيئتي لما هو آتٍ في الجامعة. لقد فعل ذلك ببراعة. مرة أو مرتين في اليوم، أثناء محاضراتي المعتادة، كان بن يقدم لي تمرينًا ذهنيًا صغيرا عليّ إتقانه قبل أن ننتقل إلى أي شيء آخر. جعلني ألعب 'تيراني' دون لوح، وأتابع الأحجار في ذهني. وفي أحيان أخرى كان يتوقف في منتصف محادثة ويطلب مني أن أكرر كل شيء قيل في الدقائق الماضية، كلمة بكلمة.
كان هذا مستوى يتجاوز تمامًا مجرد الحفظ البسيط الذي تدربت عليه من أجل المسرح. كان عقلي يتعلم العمل بطرق مختلفة، وأصبح أقوى. شعرت كما يشعر به جسدك بعد يوم من تقطيع الخشب، أو السباحة، أو ممارسة الجنس(*_*). تشعر بالإرهاق، والخمول، وكأنك أصبحت شبه سامي. كان هذا الشعور مشابهًا، إلا أن عقلي هو الذي كان مرهقًا ومتوسعًا في حالتي بدل جسدي، فاترا وقويًا بشكل كامِن. كنت أشعر بعقلي وهو يبدأ في الاستيقاظ.
كان يبدو أنني أكتسب زخمًا مع تقدمي، كما يحدث عندما يبدأ الماء في جرف سد مصنوع من الرمال. لا أعرف إذا كنت تفهم ما هي التدرّج الهندسي، ولكن هذه هي أفضل طريقة لوصفه. وخلال كل هذا، كان بن يواصل تعليمي التمارين الذهنية التي كنت شبه مقتنع بأنها من اختراعه بدافع دناءة و قسوة لا توصف.
ملاحظات:
الركوب في العربة مع بن كان أبِنثي أول "أركانيست" أقابله في حياتي — شخصية غريبة ومثيرة بالنسبة لصبي صغير. كان واسع المعرفة و مُلِمًّا في كل فروع العلوم: علم النبات، والفلك، وعلم النفس، والتشريح، والكيمياء، والجيولوجيا، والكيمياء العضوية… كان ممتلئ الجسم، بعينين متألقتين تتحركان سريعًا من شيء إلى آخر. وكان لديه خصلة من الشعر الرمادي الداكن تمتد حول مؤخرة رأسه و تحيط بها، لكن — وهذا أكثر ما أتذكره عنه — لم يكن له حاجبان. أو بالأحرى، كان له حاجبان، لكنهما كانا في حالة دائمة من إعادة النمو بعد أن احترقا مرارًا خلال تجاربه الكيميائية. وكان ذلك يمنحه مظهرًا دائم الدهشة والاستهجان [1] في آنٍ معًا. كان يتحدث بلطف و هدوء، ويضحك كثيرًا، ولم يكن يطلق نكاته أو ذكاءه على حساب الآخرين. كان يلعن كما يلعن بحّار ثمل بساقٍ مكسورة، لكن فقط في وجه حميره. كانا يُدعيان "ألفا" و"بيتا"، وكان أبِنثي يطعمُهما الجزر وقطع السكر حين يظن أن لا أحد يراقبه. وكانت الكيمياء شغفه الحقيقي و الأسمى، وقد قال أبي إنه لم يعرف في حياته أحدًا يُدير جهاز تقطير أفضل منه. وبحلول يومه الثاني في فرقتنا، كنتُ قد اعتدت الركوب في عربته. كنتُ أطرح عليه الأسئلة، وكان يُجيبني. ثم يطلب أغاني، فأعزفها له على عودٍ استعرتُه من عربة أبي. وكان أحيانًا يُغني. صوته كان تينورًا [2] ساطعًا و حيويا ومتهورًا، دائم التجوّل بحثًا عن نغمات و نوتات في أماكن خاطئة. وغالبًا ما كان يتوقف ويضحك على نفسه عندما يحدث ذلك. كان رجلًا صالحا وطيبًا، ولم يكن فيه ذرة من غرور. وبعد فترة وجيزة من انضمامه إلى فرقتنا، سألته ما معنى أن يكون المرء "أركانيستًا". فألقى عليّ نظرة متفكرة و متأملة وقال: "هل سبق وأن عرفتَ أركانيستًا من قبل؟" أجبته: "استأجرنا واحدًا ذات مرة ليُصلح محور عجلة مكسور على الطريق." ثم توقفت أفكر. "كان مسافرًا نحو الداخل مع قافلة من السمك." أشار أبنثي بإشارة استخفاف. "لا، لا يا فتى. أنا أتحدث عن الأركانيست... وليس عن بعض الذين يتنقلون عبر طرق القوافل و يدعون أنهم 'سحرة تبريد'، يحاولون الحفاظ على اللحم الطازج من التعفن والفساد[3]." "ما الفرق؟" سألته، وأشعر أنه كان متوقعًا مني أن أفعل ذلك. "حسنًا" قال. "قد يستغرق الأمر بعض الشرح..." "ليس لدي ما أملكه سوى الوقت." أبِنثي ألقى عليّ نظرة فاحصة ومقيّمة. كنتُ قد انتظرتُها. كانت تلك النظرة التي تعني: "أنت لا تبدو صغيرًا كما يبدو عليك." كنتُ آمل أن يدرك ذلك قريبًا. من المرهق أن يتحدث معك الناس كما لو كنت طفلًا، حتى وإن كنت واحدًا فعلاً. أخذ نفسًا عميقًا وقال: "مجرد أن يعرف شخص ما خدعة أو خدعتين لا يعني أنه أركانيست. قد يعرف كيف يثبت عظمة أو يقرأ 'إلد ڤينتيك'(Eld Vintic)... ربما يعرف حتى قليلاً من 'السمباثي'. لكن-" "السمباثي؟" قاطعته بأدب. قال أبِنثي بتردد: "ربما قد تسميه سحرًا" ثم أضاف: "لكنه ليس كذلك، حقًا." ثم هز كتفيه. "لكن حتى لو كنت تعرف السمباثي فهذا لا يجعلك أركانيست. الأركانيست الحقيقي هو من مرّ عبر الأركانوم(Arcanum) في الجامعة." عند ذكره لـ الأركانوم، انتابتني دفعة من الأسئلة الجديدة. قد تعتقد أنها ليست كثيرة، لكن عندما تضيفها إلى الأسئلة التي أحملها معي أينما ذهبت، كانت ستنفجر في عقلي تقريبًا. فقط من خلال جهد شديد في إرادتي تمكّنت من البقاء صامتًا وقمع فضولي، منتظرًا أن يستمر أبِنثي في حديثه. لكن أبِنثي لاحظ رد فعلي. "إذن، سمعت عن الأركانوم، أليس كذلك؟" بدا عليه التسلية. "أخبرني بما سمعته و ما تعرفه إذًا." كانت هذه اللمحة الصغيرة هي كل ما احتجت إليه. "سمعت من فتى في 'تيمبر غلين'(Temper Glen) أنه إذا قُطع ذراعك يمكنهم خياطتها مرة أخرى في الجامعة. هل يمكنهم حقًا؟ بعض القصص تقول إن تابورلين العظيم ذهب إلى هناك ليتعلم أسماء كل الأشياء. هناك مكتبة بها ألف كتاب. هل هناك فعلاً هذا العدد؟" أجاب على السؤال الأخير، بينما مرّت الأسئلة الأخرى بسرعة بحيث لم يستطع التقاطهم و لم يكن لديه الوقت للإجابة عليهم. "أكثر من ألف، في الواقع. عشرة أضعاف عشرة آلاف كتاب، أكثر من ذلك حتى. أكثر من الكتب التي يمكنك أن تقرأها في حياتك كلها." بدا صوت أبِنثي غامضا وحزينًا بعض الشيء وكأن هناك شوقًا في نبرته. كتب أكثر مما يمكنني قراءته؟ بطريقة ما، شككت في ذلك. استمر بِن: "الناس الذين تراهم يسافرون مع القوافل - الشارمرز(charmers) الذين يمنعون الطعام من التلف، والمرشدين، والعرافين، وآكلي الضفادع [4] - ليسوا أركانيست حقيقيين أكثر من كون جميع المؤدين الفنانين المتجولين هم من 'الإيدما روه'[5]. قد يعرفون القليل عن الكيمياء، أو قليل من السمباثي، أو قليلاً من الطب." هز رأسه. "لكنهم ليسوا أركانيست." "الكثير من الناس يتظاهرون بأنهم كذلك. يرتدون أردية ويتظاهرون لاستغلال الجهلاء والسذج. لكن إليك كيف تميز أركانيست حقيقي من المزيف." سحب أبِنثي سلسلة رائعة من عنقه وأعطاها لي. كانت هذه أول مرة أرى فيها 'غويلدر من الأركانوم'(Arcanum guilder). بدت عادية نوعا ما ولم تكن تبدو مثيرًة للإعجاب، كانت مجرد قطعة مسطحة من الرصاص مع كتابة غريبة و غير مألوفة مطبوعة عليها. "هذه 'غيلث حقيقية' (true gilthe). أو غويلدر كما شئت تسميتها" [6] شرح أبِنثي مع بعض الرضا. "إنها الطريقة الوحيدة المضمونة للتأكد مِن مَنْ هو أركانيست ومن ليس كذلك. والدك طلب أن يرى خاصتي قبل أن يسمح لي بالسفر مع فرقتكم. و هذا يظهر أنه رجل ذو خبرة." راقبني بنظرة ماكرة وغير مبالية. "مزعج و غير مريح، أليس كذلك؟" صررت على أسناني وأومأت برأسي كموافقة. خدرت يدي بمجرد لمسها. كنتُ متشوقا و فضولياً لدراسة العلامات على مقدمتها و خلفها، لكن بعد نفسين، شعرتُ بخدر في ذراعي حتى الكتف، كما لو كنت نائمًا عليها طوال الليل. تساءلت إن كان جسمي كله سيخدر إذا حملتها أو أمسكتها لفترة أطول. لكنني لم أتمكن من معرفة ذلك، حيث أصطدمت العربة بمطب وكادت يدي المخدرة أن تسقط غيلدر أبِنثي على مسند العربة. أمسك بها سريعًا و انتزعها وأعادها إلى عنقه وهو يضحك. "كيف تتحمل ذلك؟" سألته، محاولًا أن أُرجع بعض الإحساس إلى يدي. "إنها تبدو هكذا فقط للآخرين" أوضح أبِنثي. "أما بالنسبة لمالكها، فهي فقط دافئة. هكذا يمكنك أن تميز بين أركانيست حقيقي ومن لديه موهبة في العثور على الماء أو التنبؤ بالطقس." "تريب لديه شيء مشابه لذلك" قلت. "هو يرمي السبعات."[7] "ذلك شيء مختلف قليلاً" ضحك أبِنثي. "ليس شيئًا غير قابل للتفسير و غامضا مثل الموهبة." ثم مال قليلا إلى الوراء في مقعده. "ربما كان ذلك أفضل. قبل مائتي عام تقريبًا، كان الشخص يعتبر ميتًا إذا اكتشف الناس أن لديه موهبة. كان 'التهليين' [8] يسمونها علامات شيطانية، ويحرقون الناس إذا امتلكوها." بدا أن مزاج أبنثي قد تدهور بشكل ملحوظ. "اضطررنا لإخراج تريب من السجن مرة أو مرتين" قلت محاولًا تخفيف حدة الحديث. "لكن لم يحاول أحد حرقه فعلًا." ابتسم أبِنثي ابتسامة متعبة. "أظن أن تريب لديه زوج من النرد الذكي [9] أو مهارة ذكية مماثلة، و ربما تمتد أيضًا إلى البطاقات أيضا. أشكرك على تحذيرك في الوقت المناسب، لكن الموهبة شيء مختلف تمامًا." لم أستطيع تحمّل أن أُعامل باستخفاف. "تريب لا يستطيع الغش لكي ينقذ حياته" قلت بحدة أكثر مما كنت أنوي. "وأي شخص في الفرقة يمكنه تمييز النرد الجيد من السيء. تريب يرمي السبعات. لا يهم أي نرد يستخدم، فهو سيظل يرمي السبعات. إذا رهن على شخص آخر، سيرمي السبعات. حتى إذا صادف أن اصطدم الطاولة وكان هناك نرد عليها، فسيحصل على السبعة." "هممم." هز أبِنثي رأسه وهو يفكر. "أعتذر. ذلك يبدو بالفعل كموهبة خالصة. سأكون فضولياً لرؤيتها." أومأت برأسي. "خذ نردك الخاص. لم نسمح له باللعب منذ سنوات." خطرت لي فكرة. "قد لا ينجح بعد الآن." هز أبِنثي كتفيه. "المواهب لا تختفي بهذه السهولة. عندما كنت شابًا في 'ستوب'(Staup)، عرفت شابًا كانت لديه موهبة. كان ماهرًا جدًا بشكل غير عادي في التعامل مع النباتات." اختفت ابتسامة أبِنثي بينما نظر إلى شيء لم أتمكن من رؤيته. "كانت طماطماته حمراء بينما كانت كروم الجميع ما تزال تتسلق. كانت قرعاته (*اليقطين*) أكبر وأحلى، وعِنبُه لا يحتاج تقريبًا إلى التعبئة و التخمير قبل أن يتحول إلى نبيذ." توقف عن الكلام، وكانت عيناه بعيدتين. "هل أحرقوه؟" سألت، وقد تساءلت عن ذلك بفضول يملكه الشباب الكئيبون. "ماذا؟ لا، بالطبع لا!. لست بهذا العمر[10]." عبس في وجهي بجدية مزيفة. "كانت هناك مجاعة و جفاف، وطُرد من المدينة. كانت والدته المسكينة مفجوعة و حزينة." مرت لحظة من الصمت. أمامنا بعربة أو اثنتين، سمعت 'تيرين' و 'شاندي' يتدربان على سطور من مسرحية "راعي الخنازير والعندليب". بدا أبِنثي وكأنه يستمع أيضًا، بطريقة عفوية. بعد أن ضاع تيرين في منتصف مونولوج 'حديقة فاين'، التفتّ إليه. "هل يُدرَّس التمثيل في الجامعة؟" سألته. هز أبِنثي رأسه، وقد بدا مسرورًا من السؤال. "الكثير من الأشياء، ولكن ليس ذلك." نظرت إلى أبِنثي ورأيته يراقبني، وعيناه تلمعان. "هل يمكنك أن تعلمني بعضا من تلك الأشياء الأخرى؟" سألته. ابتسم، وكان الأمر سهلاً هكذا. بدأ أبِنثي في إعطائي نظرة عامة و موجزة مختصرة عن كل علم من العلوم. و بينما كان شغفه الرئيسي للكيمياء، إلا أنه كان يؤمن بالتعليم الشامل. تعلمت كيفية استخدام آلة السدس، والبوصلة، وعصا القياس، والمِعداد. والأهم من ذلك، تعلمت كيف أعيش بدونها و الاستغناء عنها. في غضون فترة قصيرة، أصبحت قادرًا على التعرف على أي مادة كيميائية في عربته و تحديدها. وفي غضون شهرين، كنت أستطيع تقطير الخمر حتى يصبح قوياً جداً بحيث لا يمكن تحمل شربه، ولف الجروح و تضميدها، وضبط العظام، وتشخيص مئات الأمراض من خلال الأعراض. كنت أعرف عملية صنع أربعة أنواع من المنشطات الجنسية *المؤلف تحمس كثيرا*، وثلاثة خلطات لمنع الحمل، وتسعة لعلاج العجز الجنسي، واثنين من الأدوية التي يشار إليها ببساطة بـ "مساعد العذراء". كان أبِنثي غامضًا بعض الشيء حول الغرض من هذا الأخير، ولكن كانت لدي بعض الشكوك القوية.[11] تعلمت بعدها وصفات لصياغة عشرات السموم والأحماض والمئات من الأدوية والعلاجات، وبعضها كان فعّالا. تضاعفت معرفتي بالأعشاب من الناحية النظرية إن لم يكن من الناحية العملية. بدأ أبِنثي يناديني بـ "ريد" وكنت أناديه بـ "بن"، أولاً انتقامًا، ثم صداقة.[12] فقط الآن، وبعد فوات الأوان، أدركت مدى حرص بن على إعدادي و تهيئتي لما هو آتٍ في الجامعة. لقد فعل ذلك ببراعة. مرة أو مرتين في اليوم، أثناء محاضراتي المعتادة، كان بن يقدم لي تمرينًا ذهنيًا صغيرا عليّ إتقانه قبل أن ننتقل إلى أي شيء آخر. جعلني ألعب 'تيراني' دون لوح، وأتابع الأحجار في ذهني. وفي أحيان أخرى كان يتوقف في منتصف محادثة ويطلب مني أن أكرر كل شيء قيل في الدقائق الماضية، كلمة بكلمة. كان هذا مستوى يتجاوز تمامًا مجرد الحفظ البسيط الذي تدربت عليه من أجل المسرح. كان عقلي يتعلم العمل بطرق مختلفة، وأصبح أقوى. شعرت كما يشعر به جسدك بعد يوم من تقطيع الخشب، أو السباحة، أو ممارسة الجنس(*_*). تشعر بالإرهاق، والخمول، وكأنك أصبحت شبه سامي. كان هذا الشعور مشابهًا، إلا أن عقلي هو الذي كان مرهقًا ومتوسعًا في حالتي بدل جسدي، فاترا وقويًا بشكل كامِن. كنت أشعر بعقلي وهو يبدأ في الاستيقاظ. كان يبدو أنني أكتسب زخمًا مع تقدمي، كما يحدث عندما يبدأ الماء في جرف سد مصنوع من الرمال. لا أعرف إذا كنت تفهم ما هي التدرّج الهندسي، ولكن هذه هي أفضل طريقة لوصفه. وخلال كل هذا، كان بن يواصل تعليمي التمارين الذهنية التي كنت شبه مقتنع بأنها من اختراعه بدافع دناءة و قسوة لا توصف. ملاحظات:
1: الطريقة التي يعبر بها شخص ما عن عدم الرضا والاستنكار، وهو حالة من الاستجابة لفعل إما عن طريق الإشارة باليد أو التصفير أو الصراخ وفي بعض الحالات رمي الأشياء...
2: 'تينّور' أو 'تينَّر' (Tenor) : مصطلح موسيقي يُشير إلى نوع من الأصوات الذكورية. و هو أحد أنواع الأصوات الرجولية في الغناء الكلاسيكي، ويُعد الأعلى بين أصوات الرجال الطبيعية.
4: هنا كلمة شارمرز لا تُستخدم هنا بمعناها الشائع (أي شخص جذّاب أو ساحر الشخصية)، بل بمعناها المجازي الذي يشير إلى أشخاص يُزعم أو يُعتقد أن لديهم قدرات سحرية أو مهارات خاصة... أما اكلة الضفادع : في العصور القديمة، كان هناك "معالجون" جوالون يزعمون قدرتهم على إزالة السموم. وكانوا يزعمون أن مساعدهم يأكل ضفدعًا إذ كان يُعتقد أن الضفادع سامة(لكن أصحاب العيون الضيقة آكلي الأخضر و اليابس أثبتوا أن هناك أنواعا غير سامة)، ثم يُعالَج بواسطة الساحر. بما أن المساعد يتظاهر بالألم ثم يُشفى، صار يُنظر إليه على أنه يتحمل الذل لتمجيد سيده.
3: هنا قد يشير للدجالين الذين يزعمون امتلاك قوى خارقة أو معرفة و يخفون الانحلال ( أو المعرفة الزائفة تُخفي فسادًا تحتها)، كتجميل الواقع أو تغليف الجهل بطلاء من المعرفة الزائفة. لكنهم في الحقيقة لا يفعلون سوى "تأخير الانهيار أو ترقيع المشكلة بِحل مؤقت"، لأن مصير اللحم هو التعفن في النهاية حتى و لو حفظته لفترة طويلة...، أي لا يصلحون، بل فقط يغطّون المشكلة بطريقة ما، و لا يفهمون جوهر المشكلة و المسبب لها، بينما يحاولون فقط تأخير الفساد، لا منعه فعليّاً.... و أقول لكم المؤلف يعتمد لغة مجازية تخفي تحت سطحها الكثير.
3: هنا قد يشير للدجالين الذين يزعمون امتلاك قوى خارقة أو معرفة و يخفون الانحلال ( أو المعرفة الزائفة تُخفي فسادًا تحتها)، كتجميل الواقع أو تغليف الجهل بطلاء من المعرفة الزائفة. لكنهم في الحقيقة لا يفعلون سوى "تأخير الانهيار أو ترقيع المشكلة بِحل مؤقت"، لأن مصير اللحم هو التعفن في النهاية حتى و لو حفظته لفترة طويلة...، أي لا يصلحون، بل فقط يغطّون المشكلة بطريقة ما، و لا يفهمون جوهر المشكلة و المسبب لها، بينما يحاولون فقط تأخير الفساد، لا منعه فعليّاً.... و أقول لكم المؤلف يعتمد لغة مجازية تخفي تحت سطحها الكثير.
4: هنا كلمة شارمرز لا تُستخدم هنا بمعناها الشائع (أي شخص جذّاب أو ساحر الشخصية)، بل بمعناها المجازي الذي يشير إلى أشخاص يُزعم أو يُعتقد أن لديهم قدرات سحرية أو مهارات خاصة...
أما اكلة الضفادع : في العصور القديمة، كان هناك "معالجون" جوالون يزعمون قدرتهم على إزالة السموم. وكانوا يزعمون أن مساعدهم يأكل ضفدعًا إذ كان يُعتقد أن الضفادع سامة(لكن أصحاب العيون الضيقة آكلي الأخضر و اليابس أثبتوا أن هناك أنواعا غير سامة)، ثم يُعالَج بواسطة الساحر. بما أن المساعد يتظاهر بالألم ثم يُشفى، صار يُنظر إليه على أنه يتحمل الذل لتمجيد سيده.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com 8: الكلمة الأصلية في الرواية هي Tehlin وجمعها هو Tehlins. وهي تشير إلى أتباع ديانة "تيلو" (Tehlu) و هم أصحاب نفوذ ديني واسع بعالم الرواية، حرف الهاء خفيف لكنه هنا يظهر بشكل أفضل من كلمة "تيلو". 9: هنا أبنثي كان يُلمّح إلى احتمال أن تريب يستخدم نردًا مزيفًا أو مخادعًا، أي نردًا مُعدًّا ليُظهر أرقامًا معينة، أي يتهمه بالغش و الاحتيال. 10: هنا ربما يقصد انه ليس كبيرا لتلك الدرجة كي يعيش هذا الزمن حيث يحروقون الموهوبين... 11: هنا قد يكون ربما شرابا او إكسيرا يُسهّل على الفتيات العذراوات التعامل مع الحيض أو آلام الدورة الشهرية، أو ربما شراب يُستخدم لإخفاء أو تأخير الحمل. أو حتى وسيلة تساعد على الإجهاض في بداياته --بحسب السياق الزمني للمجتمع المُتخيَّل في الرواية--. و هنا أدرك كڤوث أن هناك شيئًا "حساسًا" أو "محظورًا اجتماعيًا" يتعلّق باستخدام هذا الدواء. 12: القصد هنا ليس انتقاما عدائيًا، بل مزاحًا ساخرًا. بمعنى: عندما بدأ "أبِنثي" ينادي "كڤوث" بلقب Red (لشعره الأحمر، و على الأرجح دلالة الحماسة أو التهوّر)، ربما رآها كڤوث لقبًا غير رسمي أو مضحكًا أو فيه نوع من التقليل من شأنه. فردّ عليه بالمثل، بأن ناداه بلقب Ben (اختصارًا من Abenthy)، وهو أيضًا تبسيط لاسمه الكامل، ربما فيه تقليل رسميته.
لذلك "toad-eater" تعني: المتزلف، المتملق، الشخص الذي يرضى بالإهانة ليظهر سيّده كعظيم. لكن كسياق هنا تعني ادعاء المعرفة و السحر لخداع الناس.
5: لمن لم يفهم، هنا قصد أن هؤلاء الدجالين لا يجب ربطهم و مسواتهم مع الأركانيست، مثل عدم ربط كل الفنانين المتجولين مع الفنانين من شعب الإيدما روه.
6: هنا 'غويلدر' هي شارة عضوية رسمية من "الأركانوم" تثبت أن حاملها أركانيست حقيقي. أما كلمة gilthe (كاشتقاق مشابه gild أو guild) قد تكون شكلًا قديمًا أو محرفًا من كلمة guilder. من السياق يبدو أن: "غيلث" هو اللفظ الرسمي أو النخبوي الداخلي بين الأركانيست، بينما "غويلدر" هو اللفظ العامي أو الشائع بين الناس.
7: يرمي "السبعات" تعني هنا : أنه عندما يرمي النرد، غالبًا ما يخرج له المجموع "7". لعبة النرد تتكوّن من مكعّبين (كلّ منهما من 1 إلى 6)، وأشهر وأهم ناتج عند الجمع هو الرقم 7، لأنه: يَظهر بنسبة أكبر إحصائيًا (ست طرق ممكنة لجمع 7). وهو يُعتبر رقماً محظوظًا في كثير من الثقافات.
4: هنا كلمة شارمرز لا تُستخدم هنا بمعناها الشائع (أي شخص جذّاب أو ساحر الشخصية)، بل بمعناها المجازي الذي يشير إلى أشخاص يُزعم أو يُعتقد أن لديهم قدرات سحرية أو مهارات خاصة... أما اكلة الضفادع : في العصور القديمة، كان هناك "معالجون" جوالون يزعمون قدرتهم على إزالة السموم. وكانوا يزعمون أن مساعدهم يأكل ضفدعًا إذ كان يُعتقد أن الضفادع سامة(لكن أصحاب العيون الضيقة آكلي الأخضر و اليابس أثبتوا أن هناك أنواعا غير سامة)، ثم يُعالَج بواسطة الساحر. بما أن المساعد يتظاهر بالألم ثم يُشفى، صار يُنظر إليه على أنه يتحمل الذل لتمجيد سيده.
8: الكلمة الأصلية في الرواية هي Tehlin وجمعها هو Tehlins. وهي تشير إلى أتباع ديانة "تيلو" (Tehlu) و هم أصحاب نفوذ ديني واسع بعالم الرواية، حرف الهاء خفيف لكنه هنا يظهر بشكل أفضل من كلمة "تيلو".
9: هنا أبنثي كان يُلمّح إلى احتمال أن تريب يستخدم نردًا مزيفًا أو مخادعًا، أي نردًا مُعدًّا ليُظهر أرقامًا معينة، أي يتهمه بالغش و الاحتيال.
10: هنا ربما يقصد انه ليس كبيرا لتلك الدرجة كي يعيش هذا الزمن حيث يحروقون الموهوبين...
11: هنا قد يكون ربما شرابا او إكسيرا يُسهّل على الفتيات العذراوات التعامل مع الحيض أو آلام الدورة الشهرية، أو ربما شراب يُستخدم لإخفاء أو تأخير الحمل. أو حتى وسيلة تساعد على الإجهاض في بداياته --بحسب السياق الزمني للمجتمع المُتخيَّل في الرواية--. و هنا أدرك كڤوث أن هناك شيئًا "حساسًا" أو "محظورًا اجتماعيًا" يتعلّق باستخدام هذا الدواء.
12: القصد هنا ليس انتقاما عدائيًا، بل مزاحًا ساخرًا. بمعنى: عندما بدأ "أبِنثي" ينادي "كڤوث" بلقب Red (لشعره الأحمر، و على الأرجح دلالة الحماسة أو التهوّر)، ربما رآها كڤوث لقبًا غير رسمي أو مضحكًا أو فيه نوع من التقليل من شأنه. فردّ عليه بالمثل، بأن ناداه بلقب Ben (اختصارًا من Abenthy)، وهو أيضًا تبسيط لاسمه الكامل، ربما فيه تقليل رسميته.
3: هنا قد يشير للدجالين الذين يزعمون امتلاك قوى خارقة أو معرفة و يخفون الانحلال ( أو المعرفة الزائفة تُخفي فسادًا تحتها)، كتجميل الواقع أو تغليف الجهل بطلاء من المعرفة الزائفة. لكنهم في الحقيقة لا يفعلون سوى "تأخير الانهيار أو ترقيع المشكلة بِحل مؤقت"، لأن مصير اللحم هو التعفن في النهاية حتى و لو حفظته لفترة طويلة...، أي لا يصلحون، بل فقط يغطّون المشكلة بطريقة ما، و لا يفهمون جوهر المشكلة و المسبب لها، بينما يحاولون فقط تأخير الفساد، لا منعه فعليّاً.... و أقول لكم المؤلف يعتمد لغة مجازية تخفي تحت سطحها الكثير.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات