المركز التجاري
الفصل 452: المركز التجاري
كان “لي دا شينغ” مرعبًا، لكنّه أضعف الأشباح هنا. غادر “هان فاي” الأرض وبدأ وجهه يتحوّل إلى اللون الأرجواني بفعل الاختناق. وفي لحظة يأس، سحب سلاحه “R.I.P” وخدش عنقه بأصابع صاحب المذبح المكسورة. حين سال الدم، خفّ الإحساس بالاختناق.
وقف “هان فاي” في ممر الطابق الثالث، يتأمل واجهات المتاجر. دمى العرض، بملابسها الملونة المتباينة، حملت تعابير وجوه متطابقة. حدّقت إليه، فبادلها النظرات، حتى لمح إحداها ترف جفنها.
ترددت الصرخات في أذنيه. لم يجرؤ على التوقّف، وواصل الصعود حتى وصل نهاية السلالم. التفت، فإذا بكل الممرات متفرّعة دون مخرج. زبائن جائعون، وحقائب تتحرك، وطاهٍ مجنون، وكائنات لا توصف تزحف نحوه.
سرت قشعريرة في عنق “هان فاي”. جهل عدد الأشباح المختبئة في هذا الطابق، فجمع شجاعته وتقدم نحو البوتيك الذي كانت فيه “هوانغ لي” سابقًا. هناك، برزت دمية جديدة في الواجهة، ترتدي زيًا يشبه ملابس “هوانغ لي”. اقترب أكثر، فأدرك أن ملامحها تطابق ملامحها تمامًا: عيناها المفتوحتان، شفتاها الممتلئتان، والدم يسيل من بطنها.
استدار الطاهي ببطء، وعنقه يتمدد، ووجهه الملطّخ بالدماء يحدق بـ”هان فاي”: “آه… وجدتك!”، ثم اندفع نحوه حاملًا الساطور بيد، والحقيبة بالأخرى.
في تلك اللحظة، خُيّل إليه أن الدمى تحدّق به، كأن لكلٍ منها حياة خفية. لم تُبدِ نظراتها حقدًا، بل رغبة دفينة في إبقائه بينها. انحنت أطرافها، كأنها تتوق لاحتضانه وتحويله إلى دمية مثلهم.
ذراعاها امتدّتا كالراقصات نحو منصّة خرسانية. كانت تضحك وتتمايل، تنظر إلى السقالات المحيطة، ثم فتحت فمها وكأنها تتحدث. لكنها فقدت توازنها وسقطت!
من الظلال، راحت عيون تراقب “هان فاي”، ثم بدأت رؤوس تخرج من النوافذ، ترتدي ملابس جديدة، وتفتح أذرعها نحوه. الستائر في غرفة القياس كانت تهتز دون توقّف. وصل “هان فاي” إلى المكان الذي التقى فيه بالمرأة ذات الرداء الأحمر للمرة الأولى، وكانت الأرض مغطّاة بملابس تمّ تجريبها، لكن الزبونة لم تكن راضية. ربما لم تكن تبحث عن ملابس، بل عن جلدها المفقود وجسدها الضائع.
الدم واللحم هما ثوب الروح. كان مدير المركز التجاري قد أخذ الثياب التي تحبّها زوجته، وها هي تعود الآن لاستردادها.
كل شيء بدا عبثيًا، وغريبًا، ومُرعبًا.
دوّى صوت مشوش في نظام الإذاعة، يشبه ضحك طفل. انطلقت موسيقى المركز، لحنها قاتم يلفّ كل ما يتحرك داخله. نغماتها ناعمة، عذبة، كصوت بلبل أسير، لكن سكاكين مغروزة في حنجرته، فتنزف كل نغمة دمًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بعد أن انتهى من تقطيع اللحم، ركل الحقيبة بعيدًا، وفتح خزانة المطبخ، وكانت مليئة بحقائب سوداء ملطّخة بالدم الأسود. اختار واحدة، فتحها، ثم توقف فجأة. كانت الحقيبة فارغة.
كانت أوهام صاحب المذبح تزداد حدّة، واختلطت الأصوات في أذني “هان فاي”، وتداخل الحقيقي بالوهم، إلى أن غرق فيه. بدأ قلبه ينبض بانسجام مرعب مع الموسيقى، نبضٌ متسارع يكاد ينفجر من صدره. اجتاحت القلق أركانه، وصار المركز التجاري سجناً ومتاهة في آن، لا مفرّ منها.
الفصل 452: المركز التجاري
“ستموت هنا، كما متنا جميعًا…” تردّد الصوت في أرجاء المتجر. وفي المرآة، ظهرت امرأة تجرب فساتين حمراء واحدًا تلو الآخر، حتى نزعت جلدها البشري. وكان في صدرها فجوة مكان أنبوبة فولاذية اخترقت قلبها. انعكست صورة “هان فاي” داخل تلك الفجوة، ثم استدارت المرأة ببطء، وكل النساء في المرايا وجّهن أنظارهن إليه. رفعت يديها، وشعر بضغط يخنق عنقه، قوة لا طاقة له بها.
كان “لي دا شينغ” مرعبًا، لكنّه أضعف الأشباح هنا. غادر “هان فاي” الأرض وبدأ وجهه يتحوّل إلى اللون الأرجواني بفعل الاختناق. وفي لحظة يأس، سحب سلاحه “R.I.P” وخدش عنقه بأصابع صاحب المذبح المكسورة. حين سال الدم، خفّ الإحساس بالاختناق.
لا يمكنني البقاء طويلًا في الطابق الثالث. تخلّى عن فكرة الحديث مع زوجة المدير السابقة، وأسرع بالصعود. تحوّلت السلالم الكهربائية إلى ألسنة تتدلّى، واللافتات وأضواء الزينة من السقف إلى خصل شعر أسود، والثريات إلى عيون تومض.
دلف “هان فاي” إلى المطعم وألقى نظرة نحو المطبخ. برز الطاهي طويل القامة، ضخم الجثة، يحيط به المطبخ المزدحم بأدوات تشبه البلطات والسيوف. استمد مكوناته من حقيبة سفر بدلاً من الثلاجة.
كل شيء بدا عبثيًا، وغريبًا، ومُرعبًا.
ركض على لسان عملاق حتى بلغ الطابق الرابع، حيث صادف رجلًا عجوزًا يرتدي زيّ العمل ذاته الذي يرتديه “هان فاي” ويحمل نفس البطاقة التعريفية. ما إن رآه حتى ذُهل وهرول نحوه، فمه مفتوح كأنّه يهمّ بالقول، وقد بدت أسنانه الصفراء المتآكلة عالقة بها قطع من الخشب.
ظننت أنهم سيظهرون تدريجيًا لأستعد لهم… داهمته الظلال كموجٍ أسود.
“أخيرًا أتيت لتستلم نوبتي؟ ظننتك نسيتني!” تحرّك العجوز بسرعة غريبة، وكأنه حشرة، تتلوّى أطرافه بجنون.
قال له “هان فاي” وهو يواصل الصعود: “من سيستلم نوبتك اسمه لي دا شينغ”. وبينما هو على السلم، لمح خلف رأس الرجل العجوز فجوة عميقة تتساقط منها رقائق خشبية نتنة.
“انتظرني!” صاح العجوز، وتبع “هان فاي” صعودًا، يستخدم يديه ورجليه، ووجهه يزداد تشوّهًا.
هل هذه ثقافة المركز التجاري؟ الجميع ودودون أكثر من اللازم؟ لم يستطع التخلص من العجوز، وكان عليه أن يتحلّى بأقصى درجات الحذر، فلو تعثّر مرة، لن يقوم بعدها. وهنا ظهرت فائدة لياقته البدنية العالية، إذ سبق الرجل العجوز إلى الطابق الخامس.
ساد الجو رائحة خفيفة، وعلى عكس الطوابق الأخرى، كانت هناك أضواء خافتة، فتوقف “هان فاي” هناك. أوّل مرة رأى فيها “لي دا شينغ” كانت في هذا الطابق. اشتبه “هان فاي” أن الجسم الكبير الذي كان “لي دا شينغ” يحمله هو شريكه المفقود.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بعد أن انتهى من تقطيع اللحم، ركل الحقيبة بعيدًا، وفتح خزانة المطبخ، وكانت مليئة بحقائب سوداء ملطّخة بالدم الأسود. اختار واحدة، فتحها، ثم توقف فجأة. كانت الحقيبة فارغة.
الرائحة المنبعثة من أحد المطاعم أربكت حواس “هان فاي”. لمح مطعمًا صغيرًا تضيئه فوانيس حمراء، وقبل أن يدخله، سمع صوت ساطور يهوى على لوح التقطيع، وقطع من اللحم تتناثر على الجدار. بدا أن الطاهي قد فقد صوابه.
ضرب بسيفه إلى الأعلى، فلم يصب شيئًا. نظر حوله مرعوبًا. جميع الشاشات اشتغلت، تعيد عرض مشهد سقوط المرأة. لم تبدُ كمن ينتحر. كانت تضحك بجنون… لم تقفز، بل زلّت قدمها. كانت ترقص كدمية.
دلف “هان فاي” إلى المطعم وألقى نظرة نحو المطبخ. برز الطاهي طويل القامة، ضخم الجثة، يحيط به المطبخ المزدحم بأدوات تشبه البلطات والسيوف. استمد مكوناته من حقيبة سفر بدلاً من الثلاجة.
بعد أن انتهى من تقطيع اللحم، ركل الحقيبة بعيدًا، وفتح خزانة المطبخ، وكانت مليئة بحقائب سوداء ملطّخة بالدم الأسود. اختار واحدة، فتحها، ثم توقف فجأة. كانت الحقيبة فارغة.
استدار الطاهي ببطء، وعنقه يتمدد، ووجهه الملطّخ بالدماء يحدق بـ”هان فاي”: “آه… وجدتك!”، ثم اندفع نحوه حاملًا الساطور بيد، والحقيبة بالأخرى.
وقف “هان فاي” في ممر الطابق الثالث، يتأمل واجهات المتاجر. دمى العرض، بملابسها الملونة المتباينة، حملت تعابير وجوه متطابقة. حدّقت إليه، فبادلها النظرات، حتى لمح إحداها ترف جفنها.
“هل فقدت عقلك من كثرة العمل الإضافي؟!” صرخ “هان فاي” وركض. يبدو أن أكثر من شخص مات في هذا المطعم، وما إن خرج الطاهي يطارده، حتى بدأت الحقائب في الخزانة تتحرك، وكأن من فيها يريد الخروج.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لا يمكنني البقاء طويلًا في الطابق الثالث. تخلّى عن فكرة الحديث مع زوجة المدير السابقة، وأسرع بالصعود. تحوّلت السلالم الكهربائية إلى ألسنة تتدلّى، واللافتات وأضواء الزينة من السقف إلى خصل شعر أسود، والثريات إلى عيون تومض.
الممرات كانت كلها مألوفة، لكنها باتت مغلقة. يستطيع الجري بسرعة وهو يجر حقيبة؟ إن أُمسكت، فستذهب كل لياقتي سُدى! لم يكن “هان فاي” قد قابل هذا الطاهي من قبل، لكنه بدأ يربط الأحداث.
من الظلال، راحت عيون تراقب “هان فاي”، ثم بدأت رؤوس تخرج من النوافذ، ترتدي ملابس جديدة، وتفتح أذرعها نحوه. الستائر في غرفة القياس كانت تهتز دون توقّف. وصل “هان فاي” إلى المكان الذي التقى فيه بالمرأة ذات الرداء الأحمر للمرة الأولى، وكانت الأرض مغطّاة بملابس تمّ تجريبها، لكن الزبونة لم تكن راضية. ربما لم تكن تبحث عن ملابس، بل عن جلدها المفقود وجسدها الضائع.
الطابق الرابع مخصّص للأزياء الرجالية. الموظف العجوز ربما كان “فاي يانغ” سلف “لي دا شينغ”، الرجل الذي مات في متجر الملابس المستعملة. ربما بفضل المذبح، كل من يموت في هذا المركز يُحتجز فيه.
هل هذه ثقافة المركز التجاري؟ الجميع ودودون أكثر من اللازم؟ لم يستطع التخلص من العجوز، وكان عليه أن يتحلّى بأقصى درجات الحذر، فلو تعثّر مرة، لن يقوم بعدها. وهنا ظهرت فائدة لياقته البدنية العالية، إذ سبق الرجل العجوز إلى الطابق الخامس.
ولم يكن هذا المطعم الوحيد. صحيح أن باقي المطاعم لا تحتوي طهاة مجانين، لكن بها زبائن يجلسون في صمت، وظهورهم لـ”هان فاي”. ما إن استمر بالجري حتى استداروا نحوه، وأعينهم الحمراء تلمع، والخبز الدموي يتساقط من أيديهم. لحست ألسنتهم الحمراء الشفاه المتشققة. وجدوا طعامًا ألذ. وقفوا جميعًا، بثياب مختلفة، بعضهم في بزات، وآخرون بثياب ممزقة. أصولهم متباينة، لكن عند رؤية لحم بشري طازج، تشاركوا ذات النهم.
بعضهم تظاهر باللطف وأخفى سكاكين خلف ظهره، وآخرون ألقوا حبال نحوه، مدّعين أنهم يودون إنقاذه، لكن الجشع بدا واضحًا في وجوههم.
لم يعترف أحد منهم برغبته في التهامه، لكن ذلك كان مقصدهم جميعًا. لماذا يرى صاحب المذبح هذا الوهم؟ ترسّخ في عقل “هان فاي” أن صاحب المذبح، بعد ما مرّ به، بدأ يفقد عقله، ويغرق في الجنون.
استخدم كل ما أوتي من قوة للهرب. بالكاد كان يحمي نفسه، ولم يعد قادرًا حتى على التفكير في زميل “لي دا شينغ”. بدأت روائح المطاعم تخف، وضوء الفوانيس يخفت، وضغط على قلبه محاولًا التنفّس.
“لن أدعهم يمسكون بي!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هرب “هان فاي” من قسم الإلكترونيات، لكن إلى أين؟ المركز صار جحيمًا، كل شيء يتشوّه. بدأ عقل صاحب المذبح ينهار، وأوهامه تنقلب على الواقع. من دون “بركة الأم”، فإن هذا العالم المتذكَّر سينتهي حتمًا.
استخدم كل ما أوتي من قوة للهرب. بالكاد كان يحمي نفسه، ولم يعد قادرًا حتى على التفكير في زميل “لي دا شينغ”. بدأت روائح المطاعم تخف، وضوء الفوانيس يخفت، وضغط على قلبه محاولًا التنفّس.
هل هذه ثقافة المركز التجاري؟ الجميع ودودون أكثر من اللازم؟ لم يستطع التخلص من العجوز، وكان عليه أن يتحلّى بأقصى درجات الحذر، فلو تعثّر مرة، لن يقوم بعدها. وهنا ظهرت فائدة لياقته البدنية العالية، إذ سبق الرجل العجوز إلى الطابق الخامس.
بين إرهاق الجسد وانهيار الأعصاب، انحنى “هان فاي” لا يدري أين يختبئ. الأصوات في أذنيه تداخلت، وتوقّف صوت البلبل في البث، ليحل محله صراخ مؤلم.
حين شارفت قواه على الانهيار، ظهر وميض من الضوء أمامه. شاشة تلفاز اشتغلت فجأة. ظهرت فيها امرأة ذات شعر أشعث وبطن ينزف، ترتدي الأحمر، وتضحك بجنون. بدأت ترقص على أطراف قدميها.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
ذراعاها امتدّتا كالراقصات نحو منصّة خرسانية. كانت تضحك وتتمايل، تنظر إلى السقالات المحيطة، ثم فتحت فمها وكأنها تتحدث. لكنها فقدت توازنها وسقطت!
ترددت الصرخات في أذنيه. لم يجرؤ على التوقّف، وواصل الصعود حتى وصل نهاية السلالم. التفت، فإذا بكل الممرات متفرّعة دون مخرج. زبائن جائعون، وحقائب تتحرك، وطاهٍ مجنون، وكائنات لا توصف تزحف نحوه.
رغم أنها داخل الشاشة، سمع “هان فاي” صوت الرياح يصفع أذنيه، ونظر لأعلى فإذا بوجهها الممزق فوقه مباشرة.
قال له “هان فاي” وهو يواصل الصعود: “من سيستلم نوبتك اسمه لي دا شينغ”. وبينما هو على السلم، لمح خلف رأس الرجل العجوز فجوة عميقة تتساقط منها رقائق خشبية نتنة.
ضرب بسيفه إلى الأعلى، فلم يصب شيئًا. نظر حوله مرعوبًا. جميع الشاشات اشتغلت، تعيد عرض مشهد سقوط المرأة. لم تبدُ كمن ينتحر. كانت تضحك بجنون… لم تقفز، بل زلّت قدمها. كانت ترقص كدمية.
هرب “هان فاي” من قسم الإلكترونيات، لكن إلى أين؟ المركز صار جحيمًا، كل شيء يتشوّه. بدأ عقل صاحب المذبح ينهار، وأوهامه تنقلب على الواقع. من دون “بركة الأم”، فإن هذا العالم المتذكَّر سينتهي حتمًا.
من الظلال، راحت عيون تراقب “هان فاي”، ثم بدأت رؤوس تخرج من النوافذ، ترتدي ملابس جديدة، وتفتح أذرعها نحوه. الستائر في غرفة القياس كانت تهتز دون توقّف. وصل “هان فاي” إلى المكان الذي التقى فيه بالمرأة ذات الرداء الأحمر للمرة الأولى، وكانت الأرض مغطّاة بملابس تمّ تجريبها، لكن الزبونة لم تكن راضية. ربما لم تكن تبحث عن ملابس، بل عن جلدها المفقود وجسدها الضائع.
عليّ النجاة ثلاثين يومًا؟ هذا مستحيل لبشر عادي. عليّ أن أصبح صاحب المذبح الجديد قبل أن يتحوّل هذا العالم إلى جحيم كامل.
ظننت أنهم سيظهرون تدريجيًا لأستعد لهم… داهمته الظلال كموجٍ أسود.
ترددت الصرخات في أذنيه. لم يجرؤ على التوقّف، وواصل الصعود حتى وصل نهاية السلالم. التفت، فإذا بكل الممرات متفرّعة دون مخرج. زبائن جائعون، وحقائب تتحرك، وطاهٍ مجنون، وكائنات لا توصف تزحف نحوه.
ركض على لسان عملاق حتى بلغ الطابق الرابع، حيث صادف رجلًا عجوزًا يرتدي زيّ العمل ذاته الذي يرتديه “هان فاي” ويحمل نفس البطاقة التعريفية. ما إن رآه حتى ذُهل وهرول نحوه، فمه مفتوح كأنّه يهمّ بالقول، وقد بدت أسنانه الصفراء المتآكلة عالقة بها قطع من الخشب.
ظننت أنهم سيظهرون تدريجيًا لأستعد لهم… داهمته الظلال كموجٍ أسود.
الفصل 452: المركز التجاري
• “إن سقط كل شيء في الظلام، من سينقذك؟” تراجع “هان فاي” حتى بلغ الطابق الأعلى. صعد فوق الطاولة المجاورة للسور. كان على أعلى نقطة في المركز. نظر إلى الأسفل.
في وسط الطابق الأرضي، وقفت وجوه مألوفة وغريبة تحدّق به، كأنها تنتظر قفزته
§_________§
ترجمة: Arisu san
استدار الطاهي ببطء، وعنقه يتمدد، ووجهه الملطّخ بالدماء يحدق بـ”هان فاي”: “آه… وجدتك!”، ثم اندفع نحوه حاملًا الساطور بيد، والحقيبة بالأخرى.
كل شيء بدا عبثيًا، وغريبًا، ومُرعبًا.
ضرب بسيفه إلى الأعلى، فلم يصب شيئًا. نظر حوله مرعوبًا. جميع الشاشات اشتغلت، تعيد عرض مشهد سقوط المرأة. لم تبدُ كمن ينتحر. كانت تضحك بجنون… لم تقفز، بل زلّت قدمها. كانت ترقص كدمية.
حين شارفت قواه على الانهيار، ظهر وميض من الضوء أمامه. شاشة تلفاز اشتغلت فجأة. ظهرت فيها امرأة ذات شعر أشعث وبطن ينزف، ترتدي الأحمر، وتضحك بجنون. بدأت ترقص على أطراف قدميها.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هرب “هان فاي” من قسم الإلكترونيات، لكن إلى أين؟ المركز صار جحيمًا، كل شيء يتشوّه. بدأ عقل صاحب المذبح ينهار، وأوهامه تنقلب على الواقع. من دون “بركة الأم”، فإن هذا العالم المتذكَّر سينتهي حتمًا.
وقف “هان فاي” في ممر الطابق الثالث، يتأمل واجهات المتاجر. دمى العرض، بملابسها الملونة المتباينة، حملت تعابير وجوه متطابقة. حدّقت إليه، فبادلها النظرات، حتى لمح إحداها ترف جفنها.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لا يمكنني البقاء طويلًا في الطابق الثالث. تخلّى عن فكرة الحديث مع زوجة المدير السابقة، وأسرع بالصعود. تحوّلت السلالم الكهربائية إلى ألسنة تتدلّى، واللافتات وأضواء الزينة من السقف إلى خصل شعر أسود، والثريات إلى عيون تومض.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “انتظرني!” صاح العجوز، وتبع “هان فاي” صعودًا، يستخدم يديه ورجليه، ووجهه يزداد تشوّهًا.
كانت أوهام صاحب المذبح تزداد حدّة، واختلطت الأصوات في أذني “هان فاي”، وتداخل الحقيقي بالوهم، إلى أن غرق فيه. بدأ قلبه ينبض بانسجام مرعب مع الموسيقى، نبضٌ متسارع يكاد ينفجر من صدره. اجتاحت القلق أركانه، وصار المركز التجاري سجناً ومتاهة في آن، لا مفرّ منها.
ظننت أنهم سيظهرون تدريجيًا لأستعد لهم… داهمته الظلال كموجٍ أسود.
الفصل 452: المركز التجاري
كان “لي دا شينغ” مرعبًا، لكنّه أضعف الأشباح هنا. غادر “هان فاي” الأرض وبدأ وجهه يتحوّل إلى اللون الأرجواني بفعل الاختناق. وفي لحظة يأس، سحب سلاحه “R.I.P” وخدش عنقه بأصابع صاحب المذبح المكسورة. حين سال الدم، خفّ الإحساس بالاختناق.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الدم واللحم هما ثوب الروح. كان مدير المركز التجاري قد أخذ الثياب التي تحبّها زوجته، وها هي تعود الآن لاستردادها.
ركض على لسان عملاق حتى بلغ الطابق الرابع، حيث صادف رجلًا عجوزًا يرتدي زيّ العمل ذاته الذي يرتديه “هان فاي” ويحمل نفس البطاقة التعريفية. ما إن رآه حتى ذُهل وهرول نحوه، فمه مفتوح كأنّه يهمّ بالقول، وقد بدت أسنانه الصفراء المتآكلة عالقة بها قطع من الخشب.
ساد الجو رائحة خفيفة، وعلى عكس الطوابق الأخرى، كانت هناك أضواء خافتة، فتوقف “هان فاي” هناك. أوّل مرة رأى فيها “لي دا شينغ” كانت في هذا الطابق. اشتبه “هان فاي” أن الجسم الكبير الذي كان “لي دا شينغ” يحمله هو شريكه المفقود.
كل شيء بدا عبثيًا، وغريبًا، ومُرعبًا.
ترددت الصرخات في أذنيه. لم يجرؤ على التوقّف، وواصل الصعود حتى وصل نهاية السلالم. التفت، فإذا بكل الممرات متفرّعة دون مخرج. زبائن جائعون، وحقائب تتحرك، وطاهٍ مجنون، وكائنات لا توصف تزحف نحوه.
عليّ النجاة ثلاثين يومًا؟ هذا مستحيل لبشر عادي. عليّ أن أصبح صاحب المذبح الجديد قبل أن يتحوّل هذا العالم إلى جحيم كامل.
كان “لي دا شينغ” مرعبًا، لكنّه أضعف الأشباح هنا. غادر “هان فاي” الأرض وبدأ وجهه يتحوّل إلى اللون الأرجواني بفعل الاختناق. وفي لحظة يأس، سحب سلاحه “R.I.P” وخدش عنقه بأصابع صاحب المذبح المكسورة. حين سال الدم، خفّ الإحساس بالاختناق.
“ستموت هنا، كما متنا جميعًا…” تردّد الصوت في أرجاء المتجر. وفي المرآة، ظهرت امرأة تجرب فساتين حمراء واحدًا تلو الآخر، حتى نزعت جلدها البشري. وكان في صدرها فجوة مكان أنبوبة فولاذية اخترقت قلبها. انعكست صورة “هان فاي” داخل تلك الفجوة، ثم استدارت المرأة ببطء، وكل النساء في المرايا وجّهن أنظارهن إليه. رفعت يديها، وشعر بضغط يخنق عنقه، قوة لا طاقة له بها.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ولم يكن هذا المطعم الوحيد. صحيح أن باقي المطاعم لا تحتوي طهاة مجانين، لكن بها زبائن يجلسون في صمت، وظهورهم لـ”هان فاي”. ما إن استمر بالجري حتى استداروا نحوه، وأعينهم الحمراء تلمع، والخبز الدموي يتساقط من أيديهم. لحست ألسنتهم الحمراء الشفاه المتشققة. وجدوا طعامًا ألذ. وقفوا جميعًا، بثياب مختلفة، بعضهم في بزات، وآخرون بثياب ممزقة. أصولهم متباينة، لكن عند رؤية لحم بشري طازج، تشاركوا ذات النهم.
هل هذه ثقافة المركز التجاري؟ الجميع ودودون أكثر من اللازم؟ لم يستطع التخلص من العجوز، وكان عليه أن يتحلّى بأقصى درجات الحذر، فلو تعثّر مرة، لن يقوم بعدها. وهنا ظهرت فائدة لياقته البدنية العالية، إذ سبق الرجل العجوز إلى الطابق الخامس.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات